التغلب على قلة الثقة بالنفس


تعلم كيف تتغلب علي قلة الثقة بالنفس
Low Self-confidence



يصعب على الفرد اكتشاف ذاته بكل ما تحويه من مهارات وطموحات ما لم تكن لديه في الأساس الثقة في شخصيته وفي قدراته ، وتكمن أهمية هذه الثقة وتنمية شخصية الإنسان في الواقع العملي الصعب الذي فرض نفسه على الجميع وأصبح يحتم عليهم تنمية وتطوير قدراتهم لتتوافق مع هذا الواقع في ظل التطورات الكبيرة التي يشهدها العالم ، وأيضا تكمن أهمية الالتفات إلى الذات في أن الإنسان أصبح معزولا عن نفسه وعن التفكير فيها وعما إذا كان عليه تغييرها وذلك بسبب الإنشغال في مشكلات الحياة اليومية .
إن تنمية الشخصية لا يحتاج إلى مال ولا إمكانات ولا فكر معقد ، وإنما الحاجة تكمن في الإرادة الصلبة والعزيمة القوية .
 إن الثقة تكتسب وتتطور ولم تولد الثقة مع إنسان حين ولد .

ما هي أسباب انعدام الثقة في النفس :


إن عدم الثقة يعد مرضا خطيرا ومن أهم أسبابه :
* أولاً: الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك و سلبياتك وأنك لا تستطيع إخفاء عيوبك.
* ثانياً: القلق المستمر بسبب سعي الإنسان الدائم لأن يكون على أفضل صورة وخوفه من عدم تحقيق ذلك.
* ثالثاً: الإحساس بالخجل من نفسك وأنك مجرد ترس صغير غير مثمر في ماكينة الحياة.
* رابعاً : الخوف من الفشل:
الخوف هو أكثر الأعراض لعدم الثقة في النفس عندما لا ينجز الإنسان عمله أو يقوم بتأجيله يوما بعد آخر ، إن الفشل في مواقف سابقة لا يعني أننا سوف نفشل مرة أخرى، فإن الحياة تتغير دائما ويجب النظر إلى الأخطاء السابقة كمصادر مهمة لمعلومات في غاية الثراء .
وقبل أن تدمر حياتك بفعل هذا الإحساس السلبي تجاه نفسك و قدراتك ، عليك أن تقرر التوقف عن جلد نفسك بتلك الأفكار السلبية والخاطئة ، وعليك اتباع الخطوات الآتية للتغلب على المشكلة.

كيفية التغلب على فقدان الثقة :


معرفة السبب الرئيسي للمشكلة
على الشخص أن يتحدث مع نفسه بصراحة حول أسباب المشكلة التي يعانيها ، فهل نتجت مثلا نتيجة لحادثة في الصغر ؟ هل بسبب استهزاء الآخرين بقدراتي وسلوكياتي؟ هل نتيجة الاستهزاء بي أمام الآخرين وهو ما نتج عنه العزلة وفقدان الثقة في التعامل مع الناس ؟ هل مازال هذا التأثير قائم حتى الآن ...؟ أسئلة كثيرة حاول أن تسأل نفسك وتتوصل إلى الحل وكن صريحا مع نفسك ولا تحاول تحميل الآخرين أخطائك، وذلك لكي تصل إلى الجذور الحقيقية للمشكلة لتستطيع حلها ،حاول ترتيب أفكارك استخدم ورقةً وقلم واكتب كل الأشياء التي تعتقد أنها ساهمت في خلق مشكلة عدم الثقة لديك ، تعرف على الأسباب الرئيسية  والفرعية التي أدت إلى تفاقم المشكلة .

البحث عن حل :


بعد الخطوة الأولى والتوصل إلى سبب المشكلة ابدأ في البحث عن حل .. بمجرد تحديدك للمشكلة تبدأ الحلول قي الظهور…كن هادئاً وتحاور مع نفسك، حاول ترتيب أفكارك… ما الذي يجعلني أسيطر على مخاوفي و أستعيد ثقتي بنفسي ؟ إذا كان الأقارب أو الأصدقاء مثلا طرفا أو عامل رئيسي في فقدانك لثقتك ..حاول أن توقف إحساسك بالاضطهاد ليس لأنه توقف بل لأنه لا يفيدك في الوقت الحاضر بل يسهم في هدم ثقتك ويوقف قدرتك للمبادرة بالتخلص من عدم الثقة ويعيقك عن التجاوب مع الناس وإقامة علاقات إنسانية طبيعية معهم.

اعتقاداتك تجاه نفسك وعلاقتها بالثقة المفقودة:

ذكر أحد الكتاب أن أهم ما أفرزه الزمن الذي نعيش فيه الآن هو أن الإنسان يمكنه أن يغير طريقة حياته إذا ما غير معتقداته وأفكاره، في البداية احرص على أن لا تتفوه بكلمات يمكن أن تدمر ثقتك بنفسك. فالثقة بالنفس فكرة تولدها في دماغك وتتجاوب معها أي أنك تخلق الفكرة سلبية كانت أم إيجابية وتغيرها وتشكلها وتسيرها حسب اعتقاداتك عن نفسك …لذلك تبنى عبارات وأفكار تشحنك بالثقة وحاول زرعها في دماغك.

أنظر إلى نفسك كشخص ناجح وواثق و استمع إلى حديث نفسك جيداً واحذف الكلمات المحملة بالإحباط ،إن ارتفاع روحك المعنوية مسئوليتك وحدك لذلك حاول دائما إسعاد نفسك ..اعتبر الماضي بكل إحباطا ته قد انتهى ..وأنت قادر على المسامحة ، إغفر لأهلك ، لأقاربك لأصدقائك إغفر لكل من أساء إليك لأنك لست مسئولا عن جهلهم وضعفهم الإنساني.

لا تستخدم أسلوب المقارنة:


ابتعد تماما عن المقارنة و لا تسمح لنفسك إطلاقا أن تقارن نفسك بالآخرين…حتى لا تكسر ثقتك بقدرتك وتذكر أنه لا يوجد إنسان عبقري في كل شيء .. فقط ركز على إبداعاتك وعلى ما تعرف ، فأبرزه  وحاول تطوير هوايات الشخصية…وكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون .. اختر مثل أعلى لك وادرس حياته وأسلوبه في الحياة وأحرص على أن تكون مثله وتعلم من سيرته الذاتية.

عوامل تزيد الثقة في النفس:


* عند وضع الأهداف وتنفيذها فإن ذلك يزيد ثقتنا بنفسنا مهما كانت هذه الأهداف.. سواء على المستوى الشخصي.. أو على صعيد العمل.
* اقبل تحمل المسئولية.. فهي تجعلك تشعرك بأهميتك.. تقدم ولا تخف.. اقهر الخوف في كل مرة يظهر فيها.. افعل ما تخشاه يختفي الخوف.. كن إنسانا نشيطا.
* حدث نفسك حديثا إيجابيا كل يوم وابدأ يومك بتفاؤل وحدد ما الذي ستقوم بعمله ليجعلك في وضع أفضل.
* شارك في المناقشات واهتم بتثقيف نفسك من خلال القراءة في كل المجالات.. كلما شاركت في النقاش تضيف إلى ثقتك كلما تحدثت أكثر، فكثير من الناس لا يستطيعون التواصل مع الآخرين نتيجة ضعف معلوماتهم وعدم إمكانية لفت الانتباه إلى ما يقولون.
* اشغل نفسك بمساعدة الآخرين وذلك سوف يزيد ثقتك في نفسك عند سماع كلمة شكرا.
* أكد علماء النفس أن الاهتمام بالمظهر يؤثر كثيرا في شخصية الإنسان ويجعله في حالة نفسية مستقرة بالمقارنة بما إذا كان لا يهتم بمظهره.

تدريب عملي

إذا كنت لا تستطيع التواصل مع الآخرين وتجد صعوبات في العمل ضمن فريق مكون من عدة أشخاص ، فهذه هي أهم النقاط التي يجب عليك معرفتها ومراعاتها عند العمل مع فريق ، وفي حالة ما إذا عرفتها وتدربت عليها سوف تكسب حب زملائك وثقتك في نفسك :

* حسن الاستماع والإصغاء لوجهة نظر الآخرين
* فهم الخلفية النفسية والثقافية لأفراد المجموعة التي يتم التعاون معها
* الحرص على استشارة أفراد المجموعة في كل جزئية في العمل المشترك تحتاج إلى قرار
* الاعتراف بالخطأ ومحاولة التعلم منه
* عدم الإقدام على أي تصرف يجعل الزملاء يسيئون فهمه
* عدم إفشاء أسرار العمل أو التحدث عن أشياء ليست من اختصاصك
* المبادرة لتصحيح أي خطأ يصدر من أي فرد من أفراد الفريق وفق آداب النصيحة
* تحمل ما يحدث من تجاوزات وإساءات من الأفراد.

اكتشاف الذات وجني ثمار الموهبة :


سيساعدك اكتشافك لذاتك على تطوير مقدرتك النفسية على مقاومة التوتر والقلق والاكتئاب ، واكتشاف ما لديك من مهارات يمكن أن تستغلها في مجال عملك وتجني العديد من المكاسب.
تعد مرحلة اكتشاف الذات هي مرحلة خطيرة لأنها ترسم مسار الإنسان في رحلته مدى الحياة … هذه المرحلة تتطلب من الإنسان أن يوقظ نفسه بمعنى أن يتوقف لفترة قد تطول أو تقصر عن مجاراة هذا العالم ، تطلب منه طرح أسئلة معينة على النفس: من أنا ؟ ماذا أفعل في هذه الدنيا؟ ماذا أعرف عن نفسي؟ وبعد الإجابة عن الأسئلة السابقة يجب عليك أن تحدد الأهداف التي تهمك، والتي ستستخدمها في خطتك، قم بعمل قائمة بكل شيء تتمنى أو تحلم بتحقيقه، في شتى مجالات حياتك، أيا كان هذا الحلم صغيرا أم كبيرا، اكتبه على الورق. فكتابتك لكل أهدافك على الورق في هذه المرحلة ستوسع من أفق تفكيرك ، وتجعلك تفكر في طرق مبتكرة لتحقيق هذا الهدف.

* إذاً عليك أن تضع أهدافاً لحياتك، ما الذي تريد تحقيقه في هذه الحياة؟ ما الذي تريد إنجازه لتبقى كعلامات بارزة لحياتك ؟ فلا يعقل أن تشتت ذهنك في اكثر من اتجاه، لذلك عليك ان تفكر في هذه الأسئلة، وتوجد الإجابات لها، وتقوم بالتخطيط لحياتك.

* عليك أن تقرأ خطتك وأهدافك في كل فرصة من يومك ، والتفكير في ما تملك من إمكانيات لتحقي هذه الأهداف.
* استعن بالتقنيات الحديثة لاغتنام الفرص وتحقيق النجاح، وكذلك لتنظيم وقتك، كالإنترنت والكمبيوتر ، فكلها أشياء تنمي من قدراتك وتوسع من آفاق تفكيرك.
* ركز ولا تشتت ذهنك في أكثر من اتجاه، وهذه النصيحة أن طبقت ستجد الكثير من الوقت لعمل الأمور الأخرى الأكثر أهمية وإلحاحاً ، فعادة ما يلجأ مثلا الخريج الجديد لدراسة عدة دورات كمبيوتر لا ترتبط بمجال واحد وهو ما يدي إلى تشتيت الفرد ، فمثلا قد يدرس برامج المحاسبة ثم الجرافيك ويكون متردد في دخول أي من المجالين ، ولكن عليك التركيز في مجال واحد لتتمكن من الإبداع والتميز وسط الآخرين.

معوقات تنمية الشخصية واكتشاف قدراتها :

المعوقات التي تقابل الفرد أثناء محاولته لتغيير شخصيته وأفكاره السلبية تتلخص فيما يلي :

* عدم وجود أهداف أو خطط.
* التكاسل والتأجيل، وهذا أشد معوقات تنظيم الوقت، فتجنبه.
* عدم إكمال الأعمال، أو عدم الاستمرار في التنظيم نتيجة الكسل أو التفكير السلبي تجاه التنظيم.
* سوء الفهم للغير وتوقع ردود فعل سلبية من الآخرين.
* عدم الرغبة في التغيير أساسا .
* سرعة اليأس من المحاولة .

الشروط الواجب توافرها كي تتطور شخصية الفرد:


* النظر دوما إلى هدف أسمى: وهنا نؤكد أنه طالما الهدف موجود دائما أمام الإنسان فهو غالبا ما سيسعى نحو تحقيقه أثر مما لو كان هذا الهدف غائبا أو مشوشا .
* الاقتناع بضرورة التغيير: يظن كثير من الناس أن وضعه الحالي جيد ومقبول أو أنه ليس الأسوأ على كل حال ، وبعضهم يعتقد أن ظروفه سيئة وإمكاناته محدودة ، ولذلك فإن ما هو فيه لا يمكن تغييره ولكن بجلسة مصارحة مع النفس يمكن للشخص أن يكتشف عيوبه أو ما ينقصه وبالتالي سوف يسعى إلى التغيير للوصول إلى حالة أفضل.
* الشعور بالمسئولية: حين يشعر الإنسان بجسامة المسئولية المنوطة به ، تنفتح له آفاق لا حدود لها للمبادرة للقيام بشيء ما ، ولا شك أن الحصول على وظيفة والتميز في مجال العمل لمن أهم المسئوليات الجسيمة التي تدفع الشخص إلى محاولة التغلب على كل معوقاتها.

أذكـــــار الصباح والمســـــاء


بسم الله الرحمن الرحيم


سنعرض لكم اليوم مجموعة صور وهى عبارة عن مطويه تضم أذكـــــار الصباح 


والمســـــاء وجاهزة للقراءة أو حتى الطباعه للتوزيع على المساجد مثلا أو 


المكتبات أو العمل الخيرى


وأشكر صاحبها الذى بذل جهده فى تصميمها بهذا الشكل الرائع


بارك الله فيه

وهذه صوره منها


ولتحميلها بجوده رائعه وبحجم كبير للتعليق فى المساجد

اليكم الرابط


الأسباب المعينة على الصبر

الأسباب المعينة على الصبر

4- الأسباب المعينة على الصبر: 

أ - المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا:
إن من عرف طبيعة الدنيا وما جبلت عليه من الكدر والمشقة والعناء هان عليه ما يبتلى به فيها لأنه وقع في أمر يتوقعه، والشيء من معدنه لا يستغرب، وقد عرفنا الله بهذه الحقيقة فقال: ((لقد خلقنا الإنسان في كبد))، أي في مشقة وعناء، وقال: ((ياأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه))، وبين جل جلاله أنها لا تدوم على حال بل يوم لك ويوم عليك ((إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس)).
إن من لا يعرف هذه الحقيقة سيفاجأ بوقائع الأحداث تصب على رأسه صباً فيظن أنه الوحيد من بين بني الإنسان الذي يصاب بذلك لشؤمه وسوء حظه، ولذلك يبادر بعضهم بالإجهاز على نفسه بالانتحار، لأنه ما علم أن لكل فرحة ترحة وما كان ضحك إلا كان بعده بكاء، وما ملئ بيت حبرة إلا ملىء عبرة، وما عبت دار من السرور إلا عبت من الحزن، "وأنه لو فتش العالم لم ير فيه إلا مبتلى: إما بفوات محبوب أو حصول مكروه، وأن سرور الدنيا أحلام نوم أو كظل زائل، إن أضحكت قليلاً أبكت كثيراً، وإن سرت يوماً أساءت دهراً، وإن متعت قليلاً، منعت طويلاً...". 




ب - معرفتك بأنك وما بيدك ملك لله تعالى ومرجعك إليه: 
قال تعالى: ((ومابكم من نعمة فمن الله))، وقد علمنا في كتاب ربنا أن نقول عند حلول المصائب: ((إنا لله وإنا إليه راجعون))، يقول ابن القيم: "وهذه الكلمة من أبلغ علاج المصاب، وأنفعه له في عاجلته وآجلته، فإنها تتضمن أصلين عظيمين، إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن مصيبته:
أحدهما: أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل، وقد جعل عند العبد عارية. وأيضاً، فإنه محفوف بعدمين، عدم قبله، وعدم بعده حتى يكون ملكه حقيقة، ولا هو الذي يحفظه من الآفات بعد وجوده، ولا يبقى عليه وجوده، فليس له فيه تأثير ولا ملك حقيقي.
والثاني: أن مصير العبد ومرجعه إلى الله مولاه الحق، ولابد أن يخلف الدنيا وراء ظهره. ويجيء ربه فرداً كما خلقه أول مرة، بلا أهل ولا مال ولا عشيرة، ولكن بالحسنات والسيئات، فإذا كانت هذه بدايته ونهايته، فكيف يفرح بموجود ويأسى على مفقود؟ ففكره في مبدئه ومعاده أعظم علاج هذا الداء« ولذلك يقال عند تعزية المصاب (إن لله ماأخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى). وقد أدركت أم سليم هذا المعنى عندما توفي ابنها، فلما جاء أبوه (أبو طلحة) يسأل عنه قالت: قد هدأت نفسه، وأرجو أن يكون قد استراح (تعني الموت، وقد ظن أنها تريد النوم لمجيء العافية) وكانت قد هيأت نفسها لزوجها فتعرضت له فأصاب منها فلما أراد الخروج لصلاة الفجر، قالت له: يا أبا طلحة، أرأيت لو أن قوماً أعاروا أهل بيت عارية، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، إن العارية مؤداة إلى أهلها، فقالت: إن الله أعارنا فلاناً ثم أخذه منه فاسترجع... إلى آخر القصة. 
ج - اليقين بحسن الجزاء عند الله تعالى: 
أن مما يرغب الإنسان في العمل، ويزيده ثباتاً فيه علمه بحسن جزائه في الآخرة ولا نجد في القرآن شيئاً ضخم جزاؤه وعظم أجره مثل الصبر فيقول نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون ويقول مبيناً أن الصابرين يجزون بأحسن ماعملوا: ((ما عندكم ينفد وما عند الله باق، ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون))، ويصرح بأن أجرهم غير معدود ولا محدود فيقول: ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب))، وقد ذُكِّر المؤمنون بهذه الحقيقة في الكلمة التي أمروا أن يقولوها عند حلول المصائب: ((إنا لله وإنا إليه راجعون))، فيتذكرون أنهم سيرجعون إلى الله فيجزيهم على عملهم وصبرهم أحسن الجزاء وأوفاه.
يقول أبو طالب المكي: "وأصل قلة الصبر: ضعف اليقين بحسن جزاء من صبرت له، لأنه لو قوي يقينه، كان الآجل من الوعد عاجلاً إذا كان الواعد صادقاً، فيحسن صبره لقوة الثقة بالعطاء...". 
د - الثقة بحصول الفرج: 
إن يقين العبد بأن النصر مقرون بالصبر وأن الفرج آت بعد الكرب وأن مع العسر يسراً يقويه على الصبر على ما يلاقيه، وقد كثرت الآيات الدالة على هذا المعنى لما له من أثر في مزيد التحمل والثبات، قال تعالى: ((فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا))، قال بعضهم: "لن يغلب عسر يسرين" يقصد بذلك أن العسر ورد معرفة في الموضعين والمعرفة إذا كررت في الجملة لا تفيد التعدد بخلاف النكرة وهي التي ورد به اليسر في الموضعين، فإذا قلت: جاء الرجل وأكرمت الرجل، كان الرجل في المواطنين واحداً، وإذا قلت: جاء رجلٌ وأكرمت رجلاً، كان المقصود رجلين. وقد جعل العسر في الآيتين مع العسر لا بعده أو عقبه لينبه إلى قرب تحققه بعده حتى كأنه معه ولينبه أيضاً إلى أن كل عسر مقرون بيسر وأكثر فما من مصيبة يبتلى بها عبد إلا ولله فيه إلطاف بأن لم يجعلها على نحو أعظم أو أكبر أو أطول مما هي عليه.
وقد تكرر في القرآن الأمر بالصبر مقروناً بالتذكير بأن وعد الله حق لا يتخلف أبداً قال تعالى: ((وعد الله لا يخلف الله الميعاد))، وقال: ((فاصبر إن وعد الله حق، ولا يستخفنك الذين لا يوقنون)).
إن اشتداد الأزمة في سنن الله تعني قرب انبلاج الفجر وظهور طلائع النصر كما قيل:
اشتدي أزمةُ تنفرجي قد آذن ليلك بالبلج
ولهذا نجد يعقوب يكون أمله في العثور على يوسف أشد عندما أخذ ابنه الثاني فيقول: ((فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعاً))، وقال لأبنائه ((يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)). 
هـ - الاستعانة بالله: 
مما يعين المبتلى على الصبر أن يستعين بالله تعالى ويلجأ إلى حماه فيشعر بمعيته سبحانه وأنه في حمايته ورعايته، ومن كان في حمى ربه فلن يضام ولذا قال موسى لقومه بعد أن هددهم فرعون بما هددهم به ((استعينوا بالله واصبروا، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين)).
إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجني عليه اجتهاده
ولعل حاجة الصابرين إلى الاستعانة بالله تعالى والتوكل عليه هي بعض أسرار اقتران الصبر بالتوكل على الله في آيات كثيرة كقوله ((نعم أجر العاملين، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون))، وقوله عن رسله: ((ولنصبرن على ما آذيتمونا، وعلى الله فليتوكل المتوكلون)). 
و - الاقتداء بأهل الصبر: 
إن التأمل في سير الصابرين يعطي الإنسان شحنة دافعة على الصبر، ومن هنا ندرك سر حرص القرآن المكي على ذكر صبر الأنبياء على ما لاقوه من أممهم وهذا ما صرح الله به في قوله: ((وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين))، وقال الله: ((ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا، ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبإي المرسلين)) [الأنعام/34]، وجاء الأمر صريحاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالاقتداء بالصابرين قبله: ((فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ولا تستعجل لهم))، وحين نزل البلاء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءهم التذكير ببلاء من كان قبلهم: ((أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين))، وقال لهم: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب)). 
ز - الإيمان بقدر الله: 
إن إيمان العبد بقدر الله النافذ واستسلامه له أكبر عون على تجشم مصاعب المصائب، وعلم العبد بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه برد من اليقين يصب على فؤاده، قال تعالى: ((ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، لكيلا تأسوا على مافاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم))، وركون المؤمن إلى قدر الله في مثل هذا المقام واحتجاجه به أمر لا غبار عليه لأنه إحالة على القدر فيما لا اختيار للعبد فيه.
واعلم أن الجزع والهلع والتبرم والضيق لايرد من قدر الله شيئاً فلابد من الصبر أول الأمر لئلا يحرم العبد من المثوبة ولئن لم يصبر أول الصدمة فسيصبر بعد ذاك رغم أنفه ولا أجر له، قال حكيم: "العاقل يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد السبعة أيام". إن المبالغة في التشكي والتبرم لا يغير من الواقع شيئاً بل يزيد النفس هماً وكمداً ولهذا قال الله لرسوله: ((قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون، فإنهم لا يكذبوك، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون. ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبأ المرسلين. وإن كان كبر عليك إعراضهم فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء فتأتيهم بآية، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين)) [الأنعام/33-35]، فأزال الوحشة عن قلب الرسول صلى الله عليه وسلم في أول آية بأن تكذيبهم ليس للرسول وإنما هو لله تعالى، ثم عزاه في الثانية وسلاه بما حدث لرسل الله فصبروا، ثم قال له: إن شق عليك إعراضهم وذهبت نفسك عليهم حسرات وضاق صدرك فليس لك إلا الصبر، وإلا فافعل ما بدا لك فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض تهرب منه أو سلماً في السماء، تصعد عليه فدونك فافعل. [1]
الآفات المعيقة عن الصبر: 
1- الاستعجال: النفس موكولة بحب العاجل ((خلق الإنسان من عجل))، فإذا أبطأ على الإنسان ما يريد نفد صبره وضاق صدره واستعجل قطف الثمرة قبل أوانها فلا هو ظفر بثمرة طيبة ولا هو أتم المسير، ولهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم:((فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، ولا تستعجل لهم))، أي العذاب فإن له يوماً موعوداً.
لقد باءت بعض الدعوات بالفشل ولم تؤت ثمرتها المرجوة بعلة الاستعجال، ولو أنهم صبروا لكان خيراً لهم، ثار بعضهم على الطغيان ولما يقم على ساقه ويشتد عوده وتكتمل آلته وتنضج دعوته وتمتد قاعدته فقضي على الدعوة ووئد الداعية وذهب الاثنان في خبر كان. والحديث عن الاستعجال أطول من هذا ولكن في الإشارة للبيب ما يغني عن العبارة. 
2- الغضب: قد يرى الداعية من المدعوين مالا يليق فيستفزه الغضب فيدفعه إلى مالا يحسن به مما يسيء إلى الدعوة ويلصق بجبين حاملها وصمة عار تبقى الدهر كله، ولهذا حذر الله رسوله من مغبة الغضب بأن لا يقع فيما وقع فيه يونس فقال: فاصبر لحكم ربك، ولا تكن كصاحب الحوت لقد فرغ صبره فضاق صدره فغادرهم غاضباً قبل أن يأذن الله له ظناً منه أن الله لن يضيق عليه فضيق الله عليه بأن جعله في بطن الحوت: ((وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين))، فتاب الله عليه: ((فاستجبنا له ونجيناه من الغم)). 3- اليأس : أعظم عوائق الصبر وهو الذي حذر يعقوب أبناءه من الوقوع فيه مع تكرار البحث عن يوسف وأخيه: ((يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))، وهو الذي حرص القرآن على دفعه عن أنفس المؤمنين فبذر الأمل في صدورهم: ((ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس))، وقال لهم: ((ولا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون، والله معكم ولن يتركم أعمالكم))، إن إضاءة شعلة الأمل دواء اليأس وهذا ما ذكرت به الآيات المؤمنين وهو ما ذكر به موسى قومه فقال: ((استعينوا بالله واصبروا، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين))، ولما شكا خباب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلاقيه من أذى قريش قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكره مصاب الصالحين في الأمم قبله: "والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون". 
مجالات الصبر في القرآن الكريم

مجالات الصبر في القرآن الكريم

3- مجالات الصبر في القرآن الكريم: 



أ - الصبر على بلاء الدنيا: 
لقد أخبرنا الله تعالى بطبيعة الحياة الدنيا، وأنها خلقت ممزوجة بالبلاء والفتن فقال: ((لقد خلقنا الإنسان في كبد)) أي مشقة وعناء، وأقسم على ذلك بقوله: ((ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات، وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون،)) وإذا أطلق الصبر فلا يكاد ينصرف إلى غيره عند كثير من الناس. 
ب - الصبر على مشتهيات النفس:
وهو ما يسمى بالسراء فإن الصبر عليها أشد من الصبر على الضراء، قال بعضهم: البلاء يصبر عليه المؤمن والعافية لا يصبر عليها إلا صِدِّيق، وقال عبد الرحمن بن عوف: "ابتلينا بالضراء فصبرنا، وابتلينا بالسراء فلم نصبر". إن المؤمن مطالب بأن لا يطلق لنفسه العنان في الجري وراء شهواتها لئلا يخرجه ذلك إلى البطر والطغيان وإهمال حق الله تعالى فيما آتاه وبسط له، قال تعالى: ((ياأيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون))، ويمكن أن نجمل حاجة الإنسان إلى الصبر في هذا النوع بأربعة أمور :
1- أن لا يركن إليها، ولا يغتر بها، ولا تحمله على البطر والأشر والفرح المذموم الذي لا يحب الله أهله.
2- أن لا ينهمك في نيلها ويبالغ في استقصائها، فإنها تنقلب إلى أضدادها، فمن بالغ في الأكل والشرب والجماع انقلب ذلك إلى ضده، وحرم الأكل والشرب والجماع.
3- أن يصبر على أداء حق الله تعالى فيها، ولا يضيعه فيسلبها.
4- أن يصبر عن صرفها في الحرام، فلا يمكن نفسه من كل ما تريده منها، فإنها توقعه في الحرام، فإن احترز كل الاحتراز أوقعته في المكروه، ولا يصبر على السراء إلا الصديقون وإنما كان الصبر على السراء شديداً لأنه مقرون بالقدرة، والجائع عند غيبة الطعام أقدر منه على الصبر عند حضوره.
ومما يدخل في هذا النوع من الصبر، الصبر عن التطلع إلى مابيد الآخرين من الدنيا، والصبر عن الاغترار بما ينعمون به من مال وبنين قال تعالى: ((أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين، نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون)) وقد نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله: ((ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه، ورزق ربك خير وأبقى))، فالمؤمن من يعتز بنعمة الهداية ويعلم أنما هم فيه من الدنيا ظل زائل وعارية مستردة ولا يبالي بمظاهر الفخامة التي يتبجح بها الطغاة، لقد قال الذين يريدون الحياة الدنيا لما رأوا قارون في زينته ((يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون، إنه لذو حظ عظيم))، أما أهل العلم والإيمان فقالوا: ((ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحاً ولا يلقاها إلا الصابرون)). 
ج - الصبر على طاعة الله تعالى: 
إن الصبر على طاعة الله أعظم مجالات الصبر وهو لذلك أشدها على النفوس وقد جاءت صيغة الأمر بالصبر على الطاعة مغايرة لغيرها فقال تعالى: ((رب السماوات والأرض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته، هل تعلم له سمياً))، وقال: ((وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها، لا نسألك رزقاً نحن نرزقك والعاقبة للتقوى))، فاستخدم صيغة الافتعال وهو يدل على المبالغة في الفعل إذ زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وما ذاك إلا لمشقة مجاهدة النفوس على القيام بحق العبودية في كل الأحوال. واعلم أن الصبر على الطاعة له ثلاث أحوال:
1- قبل الطاعة، بتصحيح النية والصبر على شوائب الرياء، وعقد العزم على الوفاء ولعل هذا يظهر سر تقديم الصبر على العمل الصالح في قوله: ((إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير)).
2- حال الطاعة بأن لا يغفل عن الله فيها، ولا يتكاسل عن تحقيق آدابها وسننها، ولعله المراد بقوله: ((نعم أجر العاملين، الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون)) صبروا إلى تمام العمل.
3- بعد الفراغ منها فيصبر على عدم افشائها والمراءاة والإعجاب بها، وترك ما يبطلها قال تعالى: ((ولا تبطلوا أعمالكم))، وقال: ((لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى)). 
د - الصبر على مشاق الدعوة إلى الله: 
غير خاف عليك ضرورة صبر الداعية على ما يلاقيه في دعوته، فإنه يأتي الناس بما لا يشتهونه ولا يألفونه، وبما يخالف ما وجدوا عليه آباءهم، فلذلك يقاومون الدعوة بكل ما أوتوا من قوة، ويوصلون الأذى بالداعية ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.
- إن اعراضهم عن الدعوة يحتاج إلى صبر كصبر نوح الذي بقي في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً وحكى الله عنه قوله: ((رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً فلم يزدهم دعائي إلا فراراً، وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم، وأصروا واستكبروا استكباراً... الآية)).
- وما يحيكه المغرضون من مؤامرات الكيد التي تؤذي الداعية في أهله ونفسه وماله تحتاج إلى صبر، وهذا ما أكده الله تعالى بقوله: ((لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا، فإن ذلك من عزم الأمور))، وقد أمر الله رسوله بقوله: ((واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً))، وقد أجمع الأنبياء على رد أذى أقوامهم بالصبر ((ولنصبرن على ما آذيتمونا، وعلى الله فليتوكل المتوكلون))، ((ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا، ولا مبدل لكلمات الله))، وسحرة فرعون لما وقر الإيمان في قلوبهم قابلوا تهديده بالقتل والصلب بقولهم ((إنا إلى ربنا منقلبون، وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا، ربنا أفرغ علينا صبراً، وتوفنا مسلمين)).
- إن طول الطريق، واستبطاء النصر يحتاج إلى صبر، وصبر حار شديد ولذا خوطب المؤمنون في القرآن بقوله تعالى: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا، حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب))، وقوله: ((حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين)). 
هـ الصبر حين البأس : 
أي الصبر في الحرب وعند لقاء العدو والتحام الصفوف، فالصبر ثَمّ شرط للنصر، والفرار كبيرة، وقد أثنى الله تعالى على الصابرين في ساعة القتال فقال في آية البر: ((والصابرين في البأساء)) أي الفقر ((والضراء)) أي المرض، وحين البأس، ((أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون)) ويوجبه على عباده بقوله: ((ياأيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون، وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا، إن الله مع الصابرين)).
وعندما تضطرب أمور المعركة، وينفرط عقدها تكون الحاجة إلى الصبر أعظم وأشد كما حدث في أحد حين انكشف المسلمون وشاع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل، انجفل فريق من المسلمين منهزمين، وصبر آخرون فنزل من القرآن إشادة بمن صبروا، وإنكار على أولئك: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين)) ثم لا يعذرهم في فرارهم وانهزامهم ((وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإين مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً، وسيجزي الله الشاكرين)) إلى أن قال: ((وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين)).
وقد حدثنا عن الثلة المؤمنة مع طالوت عندما انتصرت لما اعتصمت بالصبر، وقد اختبر طالوت من معه بقوله: ((إن الله مبتليكم بنهر..)) ((فصبر ثلة مؤمنة على ترك الشرب من النهر إلا غرفة باليد)) ((فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه، قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده، قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله، كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين، ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا: ربنا أفرغ علينا صبراً، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين))، لقد سألوا الله حين اللقاء صبراً وأوعبوا، فقالوا ((أفرغ))، إذ هم بحاجة إلى صبر كثير، وكانت النتيجة ((فهزموهم بإذن الله، وقتل داود جالوت.. )). 
و - الصبر في مجال العلاقات الإنسانية: 
لا تستقيم الحياة مع الناس إلا بالصبر بدءاً بأقرب من يعاشرك وهي الزوجة وانتهاءً بأبعد الناس عنك، وقد قال الله تعالى مبيناً ما ينبغي أن يتحلى به الزوج من صبر في مواجهة مشاكل الزوجية: ((وعاشروهن بالمعروف، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً))، أي فاصبروا فعاقبة الصبر حميدة، ويوصي الله عباده بالصبر على ما يلاقونه من الناس من ضر، وأن لا يقابلوا السيئة بمثلها فيقول: ((ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)).
ومما يُنظم في هذا العقد صبر التلميذ على التعلم والمعلم، وهذا ما حدثنا عنه في القرآن عندما ذهب موسى إلى الخضر ليعلمه مما علمه الله، قال له الخضر إما لأن الله أخبره بالحقيقة أو تهييجاً على الصبر -قال: ((إنك لن تستطيع معي صبراً، وكيف تصبر على مالم تحط به خبراً))، فتعهد موسى بالصبر - قال: ((ستجدني إن شاء الله صابراً))... 

فضائل الصبر في القرآن الكريم

2- فضائل الصبر في القرآن الكريم: 



حديث القرآن عن فضائل الصبر كثير جداً، وهذه العجالة لا تستوعب كل ما ورد في ذلك لكن نجتزىء منه بما يلي:
1- علق الله الفلاح به في قوله: ((ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون)).
2- الإخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره: ((أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا)) وقال: ((إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)).
3- تعليق الإمامة في الدين به وباليقين: ((وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا، وكانوا بآياتنا يوقنون)).
4- ظفرهم بمعية الله لهم : ((إن الله مع الصابرين)).
5- أنه جمع لهم ثلاثة أمور لم تجمع لغيرهم: ((أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)).
6- أنه جعل الصبر عوناً وعدة، وأمر بالاستعانة به : ((واستعينوا بالصبر والصلاة)).
7- أنه علق النصر بالصبر والتقوى فقال: ((بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين)).
8- أنه تعالى جعل الصبر والتقوى جنة عظيمة من كيد العدو ومكره فما استجن العبد بأعظم منهما: ((وإن تصبروا وتتقوا لايضركم كيدهم شيئاً)).
9- أن الملائكة تسلم في الجنة على المؤمنين بصبرهم ((والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
10- أنه سبحانه رتب المغفرة والأجر الكبير على الصبر والعمل الصالح فقال: ((إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير)).
11- أنه سبحانه جعل الصبر على المصائب من عزم الأمور: أي مما يعزم من الأمور التي إنما يعزم على أجلها وأشرفها: ((ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور)).
12- أنه سبحانه جعل محبته للصابرين: ((والله يحب الصابرين)).
13- أنه تعالى قال عن خصال الخير: إنه لا يلقاها إلا الصابرون: ((وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم)).
14- أنه سبحانه أخبر أنما ينتفع بآياته ويتعظ بها الصبار الشكور: ((إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور)).
15- أنه سبحانه أثنى على عبده أيوب أجل الثناء وأجمله لصبره فقال: ((إنا وجدناه صابراً نعم العبد إنه أواب))، فمن لم يصبر فبئس العبد هو.
16- أنه حكم بالخسران التام على كل من لم يؤمن ويعمل الصالحات ولم يكن من أهل الحق والصبر: ((والعصر، إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا... السورة)).
قال الإمام الشافعي:"لو فكر الناس كلهم في هذه الآية لوسعتهم، وذلك أن العبد كماله في تكميل قوتيه: قوة العلم، وقوة العمل، وهما: الإيمان والعمل الصالح وكما هو محتاج لتكميل نفسه فهو محتاج لتكميل غيره، وهو التواصي بالحق، وقاعدة ذلك وساقه إنما يقوم بالصبر".
17- أنه سبحانه خص أهل الميمنة بأنهم أهل الصبر والمرحمة الذين قامت بهم هاتان الخصلتان ووصوا بهما غيرهم فقال تعالى: ((ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة، أولئك أصحاب الميمنة)).
18- أنه تبارك وتعالى قرن الصبر بمقامات الإيمان وأركان الإسلام وقيم الإسلام ومثله العليا، فقرنه بالصلاة ((واستعينوا بالصبر والصلاة)) وقرنه بالأعمال الصالحة عموماً ((إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات))، وجعله قرين التقوى ((إنه من يتق ويصبر))، وقرين الشكر ((إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور))، وقرين الحق ((وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر))، وقرين المرحمة ((وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة))، وقرين اليقين ((لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون))، وقرين التوكل ((نعم أجر العاملين))، ((الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون))، وقرين التسبيح والاستغفار ((فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار))، وقرنه بالجهاد ((ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين)).
19- إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم ((ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ماكانوا يعملون)).
وبعد، فهذا غيض من فيض في باب فضائل الصبر ولولا الإطالة لاسترسلنا في ذكر تلك الفضائل والمنازل، ولعل فيما ذكر عبرة ودافع على الصبر فالله المستعان. 
هل تعلم درجات الصبر ؟؟؟!!!

هل تعلم درجات الصبر ؟؟؟!!!

د – درجاته: 

الصبر نوعان، بدني ونفسي وكل منهما قسمان: اختياري واضطراري، فصارت أربعة:
أ - بدني اختياري، كتعاطي الأعمال الشاقة.
ب - بدني اضطراري كالصبر على ألم الضرب.
ج - نفسي اختياري كصبر النفس عن فعل مالا يحسن فعله شرعاً ولا عقلاً.
د - نفسي اضطراري كصبر النفس عن فقدان محبوبها الذي حيل بينها وبينه.
والبهائم تشارك الإنسان في النوعين الاضطراريين لكنه يتميز عليها بالنوعين الاختياريين، والصبر الاختياري أكمل من الاضطراري، فإن الاضطراري يشترك فيه الناس ويتأتى ممن لا يتأتى منه الصبر الاختياري، ولذلك كان صبر يوسف على مطاوعة امرأة العزيز وصبره على ما ناله من السجن أعظم من صبره على ما ناله من إخوته لما ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين أبويه، وباعوه بيع العبد، ومن الصبر الاختياري صبره على العز والتمكين الذي أورثه الله إياه فجعله مسخراً لطاعة الله ولم ينقله ذلك إلى الكبر والبطر، وكذلك كان صبر نوح والخليل وموسى الكليم والمسيح ومحمد صلى الله عليه وسلم فإن صبرهم كان على الدعوة إلى الله ومجاهدة أعداء الله ولهذا سموا أولي العزم، وأمر الله رسوله أن يصبر كصبرهم ((فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل)) ونهاه عن أن يتشبه بصاحب الحوت حيث لم يصبر فخرج مغاضباً قبل أن يؤذن له ((فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت)) ولهذا دارت قصة الشفاعة يوم القيامة على أولي العزم حتى ردوها إلى خيرهم وأفضلهم وأصبرهم.
واعلم أن الصبر المتعلق بالتكليف وهو صبر إما على الطاعة أو عن المعصية أفضل من الصبر على مر القدر فإن هذا الأخير يأتي به البر والفاجر والمؤمن والكافر فلابد لكل أحد من الصبر على القدر اختياراً أو اضطراراً، أما الصبر على الأوامر وعن النواهي فهو صبر أتباع الرسل، والصبر على الأوامر أفضل من الصبر عن النواهي لأن فعل المأمور أحب إلى الله من ترك المحظور والصبر على أحب الأمرين أفضل وأعلى 
حكم الصبر في الإسلام

حكم الصبر في الإسلام

ج – حكمه:
الصبر من حيث الجملة واجب، ويدل لذلك:
أ - أمر الله به في غير ما آية قال تعالى: ((استعينوا بالصبر والصلاة)) ((اصبروا وصابروا)).
ب - نهيه عن ضده كما في قوله ((فلا تولوهم الأدبار)) وقوله ((ولا تبطلوا أعمالكم)) ((ولا تهنوا ولا تحزنوا)) ((فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ولا تستعجل لهم)).
ج - أن الله رتب عليه خيري الدنيا والآخرة وما كان كذلك كان تحصيله واجباً، أما من حيث التفصيل فحكمه بحسب المصبور عنه أو عليه، فهو واجب على الواجبات وواجب عن المحرمات، وهو مستحب عن المكروهات، ومكروه عن المستحبات، ومستحب على المستحبات، ومكروه على المكروهات، ومما يدل على أن الصبر قد لا يكون لازماً قوله تعالى ((وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين))، فالصبر عن مقابلة السيئة بمثلها ليس واجباً بل مندوباً إليه.
وقد أمر الله المؤمنين بالصبر والمصابرة والمرابطة فقال: ((ياأيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون))، وصيغة المصابرة تفيد المفاعلة من الجانبين، والمعنى هنا: مغالبة الأعداء في الصبر، فإذا كنا نصبر على حقنا، فإن المشركين يصبرون على باطلهم؛ فلا بد أن نغلبهم بمصابرتنا، ثم أمرنا بالمرابطة على تلك المصابرة والثبات عليها لنحقق موعود الله ونظفر بالفلاح، فانتقلت الآية بالأمر من الأدنى إلى الأعلى فالصبر مع نفسك، والمصابرة بينك وبين عدوك والمرابطة: الثبات وإعداد العدة، وكما أن الرباط لزوم الثغر لئلا يهجم منه العدو فكذلك الرباط أيضاً لزوم ثغر القلب لئلا يهجم منه الشيطان فيملكه أو يخربه أو يناله بأذى. وعليه فقد يصبر العبد ولا يصابر، وقد يصابر ولا يرابط، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبد بالتقوى، فأخبر سبحانه أن ملاك ذلك كله بالتقوى. 
هل تعرف أهمية الصبر ؟؟؟

هل تعرف أهمية الصبر ؟؟؟



الصبر: أبرز الأخلاق الوارد ذكرها في القرآن حتى لقد زادت مواضع ذكره فيه عن مائة موضع، وما ذلك إلا لدوران كل الأخلاق عليه، وصدورها منه، فكلما قلبت خلقاً أو فضيلة وجدت أساسها وركيزتها الصبر، فالعفة: صبر عن شهوة الفرج والعين المحرمة، وشرف النفس: صبر عن شهوة البطن، وكتمان السر: صبر عن إظهار مالا يحسن إظهاره من الكلام، والزهد: صبر عن فضول العيش، والقناعة: صبر على القدر الكافي من الدنيا، والحلم: صبر عن إجابة داعي الغضب، والوقار: صبر عن إجابة داعي العجلة والطيش، والشجاعة: صبر عن داعي الفرار والهرب، والعفو: صبر عن إجابة داعي الانتقام، والجود: صبر عن إجابة داعي البخل، والكيس: صبر عن إجابة داعي العجز والكسل وهذا يدلك على ارتباط مقامات الدين كلها بالصبر، لكن اختلفت الأسماء واتحد المعنى، والذكي من ينظر إلى المعاني والحقائق أولاً ثم يجيل بصره إلى الأسامي فإن المعاني هي الأصول والألفاظ توابع، ومن طلب الأصول من التوابع زل. ومن هنا ندرك كيف علق القرآن الفلاح على الصبر وحده ((وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً)) ((أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، ويلقون فيها تحية وسلاماً)) ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
وترجع عناية القرآن البالغة بالصبر إلى ماله من قيمة كبيرة في الحياتين الدنيا والأخرى، فليس هو من الفضائل الثانوية، بل من الضرورات اللازمة التي لا انفكاك للإنسان عنها، فلا نجاح في الدنيا ولا نصر ولا تمكين إلا بالصبر، ولا فلاح في الآخرة ولا فوز ولا نجاة إلا بالصبر، فلولا صبر الزارع والدارس والمقاتل وغيرهم ماظفروا بمقاصدهم:

وقلّ من جدّ في أمر يحاوله *** واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
وقال آخر:
لا تيأسن وإن طالت مطالبة *** إذا استعنت بصبر أو ترى فرجا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته  *** ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

ولئن كان الأمر كذلك في الدنيا، فهو في الآخرة أشد وأوكد، يقول أبو طالب المكي: "اعلم أن الصبر سبب دخول الجنة، وسبب النجاة من النار لأنه جاء في الخبر "حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات"، فيحتاج المؤمن إلى صبر على المكاره ليدخل الجنة، وإلى صبر عن الشهوات لينجو من النار". وقال: "اعلم أن كثرة معاصي العباد في شيئين: قلة الصبر عما يحبون، وقلة الصبر على مايكرهون".
وإذا كان هذا شأن الصبر مع كل الناس، فأهل الإيمان أشد الناس حاجة إليه لأنهم يتعرضون للبلاء والأذى والفتن ((ألم، أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين))، وقال: ((أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء، وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله، ألا إن نصر الله قريب))، وكان التأكيد أشد في قوله: ((لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيراً، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور))، لقد بينت الآية أن قوى الكفر على ما بينها من اختلاف متحدة ضد الإسلام، وقرنت لبيان موقف المؤمنين بين الصبر والتقوى فلا يكتفوا بالصبر وحده حتى يضيفوا إليه تقواهم لله بتعففهم عن مقابلة الخصم بمثل أسلحته الدنيئة فلا يواجه الدس بالدس لأن المؤمنين تحكمهم قيمهم الأخلاقية في السلم والحرب والرخاء والشدة. ثم وصفت الآية الأذى المسموع بأنه كثير، فلا بد أن يوطن المسلمون أنفسهم على سماع الافتراء والزور والتلفيق والبهتان من عدوهم حتى يأتي نصر الله.
ورسل الله صلوات الله وسلامه عليهم أشد أهل الإيمان حاجة إلى الصبر لأنهم الذين يقومون أساساً بالدعوة ويجابهون الأمم بالتغيير وهم حين يقومون بذلك يكون الواحد منهم فرداً في مواجهة أمة تعانده وتكذبه وتعاديه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل"، وكلما كان القوم أشد عناداً وأكثر إغراقاً في الضلال كانت حاجة نبيهم إلى الصبر أكثر كأولي العزم مثلاً، نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام.
لقد كانت أوامر الرب سبحانه لمحمد عليه الصلاة والسلام بالصبر كثيرة في القرآن وما ذاك إلا لأنها دعوة شاملة تواجه أمم الأرض كلها فخصومها كثيرون وحاجة إمام الدعوة إلى الصبر أعظم لقد واجه النبي صلى الله عليه وسلم صنوف الأذى البدني والنفسي والمالي والاجتماعي والدعائي وغيره، وقاوم ذلك كله بالصبر الذي أمره به الله في عشرين موضعاً في القرآن كلها إبان العهد المكي لأنه عهد البلاء والفتنة والضعف وتسلط الكافر، وكان مما قاله الله له: ((تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك. ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين))، ((واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون... الآية)). ((واصبر لحكم ربك، فإنك بأعيننا، وسبح بحمد ربك حين تقوم)). فأمر بالصبر لحكمه وهو سبحانه لا يحكم إلا بالحق والعدل، وقال له ((فإنك بأعيننا)) فصيغة الجمع لزيادة التثبيت والتأنيس، وقال الله لموسى: ((ولتصنع على عيني)) ومن كان بعين الله ومرأى منه فلن يضيع ولن يغلب، ثم أمر بالتسبيح كما أمره به في جملة آيات على أعقاب أمره بالصبر، ولعل السر فيه أن التسبيح يعطى الإنسان شحنة روحية تحلو بها مرارة الصبر، ويحمل التسبيح بحمد الله معنيين جليلين لابد أن يرعاهما من ابتلي:
1- تنزيه الله تعالى أن يفعل عبثاً، بل كل فعله موافق للحكمة التامة، فبلاؤه لحكمة.
2- أن له تعالى في كل محنة منحة وفي كل بلية نعماء ينبغي أن تذكر فتشكر وتحمد وهذا هو سر اقتران التسبيح بالحمد هنا. وفي قوله (ربك) إيذان بكمال التربية ومزيد العناية. 
ما هو الصبر في الإسلام ؟؟؟

ما هو الصبر في الإسلام ؟؟؟


الصبر في القرآن
الإيمان نصفان: صبر وشكر،ولما كان كذلك كان حريا بالمؤمن أن يعرفهما ويتمسك بهما، و أن لا يعدل عنهما، وأن يجعل سيره إلى ربه بينهما ومن هنا كان حديثنا عن الصبر في القرآن الكريم فقد جعله الله جوادا لا يكبو وصارما لا ينبو وجندا لا يهزم،وحصنا لا يهدم. فالنصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، والعسر مع اليسر، وهو أنصر لصاحبه من الرجال بلا عدة ولا عدد ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد، والحديث عن مكانته وفضيلته آتية بإذن الله الإشارة إليه. فلا تستعجلها قبل أوانها وقبل الشروع في المقصود نبين المسائل التي سيدور عليها حديثنا وهي:
- مقدمات في تعريفه وضرورته وحكمه ودرجاته.
- فضله.
- مجالاته.
- الوسائل المعينة عليه.
- نماذج من الصابرين.
1- المقدمات : أ – تعريفه: 
الصبر لغة: الحبس والكف، قال تعالى: ((واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي...)) الآية، أي احبس نفسك معهم.
واصطلاحاً: حبس النفس على فعل شيء أو تركه ابتغاء وجه الله قال تعالى: ((والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم)).
وقد أشرنا في التعريف إلى أنواع الصبر الثلاثة والباعث عليه.
أما أنواعه فهي: صبر على طاعة الله، وصبر عن معصية الله، وصبر على أقدار الله المؤلمة. ففي قولنا (على فعل شيء) دخل فيه الأول، وفي قولنا (أو تركه) دخل فيه النوعان الثاني والثالث: أما دخول الثاني فظاهر لأنه حبس للنفس على ترك معصية الله، وأما دخول الثالث فلأنه حبس للنفس عن الجزع والتسخط عند ورود الأقدار المؤلمة.
أما الباعث عليه: فهو في قولنا ((ابتغاء وجه الله)) قال تعالى ((ولربك فاصبر)) فالصبر الذي لا يكون باعثه وجه الله لا أجر فيه وليس بمحمود، وقد أثنى الله في كتابه على أولي الألباب الذين من أوصافهم ماذكره بقوله: ((والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة، وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية)).
وهذا النص يشير إلى حقيقة هامة جداً وهي أن صبغة الأخلاق ربانية فيه ليست أخلاقاً وضعية أو مادية وإنما ربانية سواء من جهة مصدر الإلزام بها أو من جهة الباعث على فعلها، فالعبد لا يفعلها تحت رقابة بشرية حين تغيب ينفلت منها، بل يفعلها كل حين وعلى كل حال لأن الرقابة ربانية، والباعث إرادة وجه الله تعالى. 
فضل العلم

فضل العلم



فضل العلم



عَنْ مُعاويةَ رضيَ اللهُ عنهُ قال قالَ رسول اللهِ صلى اللهُ عليْه وسلَمَ
مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرَاً يُفَقِّهْهُ في الدِّيْن
ـ متفق عليه ـ

عَنْ ابنِ مَسْعودِ رضيَ الله ُ عنهُ قال قالَ رسول اللهِ صلى اللهُ عليْهِ وسلَمَ
لا حَسَدَ إلاَّ في اثنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاه اللهُ مَالاً فسَلَّطَهُ عَلى هَلَكتِهِ في الحَقَّ ورَجُلٌ آتَاهُ اللهُ الحِكْمَةَ فَهُوَ يَقضِي بِها وَ يُعَلِمُّها
ـ متفق عليه ـ

عن سَهْل بنِ سَعد رَضيَ اللهُ عنهُ أنَّ النَّبيَّ صَلى اللهُ عليْه وسلم قال لعليٍ رضي اللهُ عنهُ
فو اللهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً خَيْرٌ لَكَ مِن حُمْرِ النَّعَمِ
ـ متفق عليه ـ

عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ قال
وَ مَنْ سَلَكَ طَرِيْـقـَاً يَلْتَمِسُ فيْهِ عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ طَرِيْقاً بِهِ إلى الجَنَّةِ
ـ رواه مسلم ـ


عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ قال
مَن دَعَا إلى هُدَى كانَ لـَهُ مِنَ الأجْرِ مِثلُ أُجُورِمَنْ تبعَهُ لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أجُورِهِم شَيئْاً
ـ رواه مسلم ـ

عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ قالَ قالَ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ
إذَا مَاتَ ابنُ آدَمَ انقَطَعَ عمَلُهُ إلاَّ منْ ثَلاثٍ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أو عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أووَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ
ـ رواه مسلم ـ

عن أبي هُريرةَ رَضيَ الله ُ عنهُ قالَ سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ صَلى اللهُ عليْه وسَلـَّمَ يَقُول
مَنْ خَرَجَ في طَلَبِ العِلْمِ فهو في سَبِيْلِ اللهِ يَرْجِعَ
ـ رواه الترمذي ـ

عَن أبي أُمَامَةَ رضيَ اللهُ عنهَ أنَّ رسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليْه وسلمَ قالَ
فَضْلُ العَالِمِ على العَابِدِ كَفَضْلِي على أدْنَاكًمْ
ثم قالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عليْه وسَلَّمَ
إنَّ اللهَ ومَلائِكَتَهُ وَأَهْلُ السَّمَواتِ والأرْضِ حَتَّى النَّمْلَةَ في حُجْرِهَا وَ حَتَّى الحُوتَ لَيُصَلُّونَ على مُعَلِمِي النَّاسِ الخَيْرَ
ـ رواه الترمذي ـ

عَن أبي الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْه وسلَّمَ يَقُولُ
مَن سَلَكَ طَرِيْقَاَ يَبْتَغِي فِيْهِ عِلْمَاً سَهَّلَ اللهُ لهُ طَرِيْقَاً إلى الجَنَّة وإنَّ المَلائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضَاً بِما يَصْنَعُ وَ إنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغفِرُ لهُ مَن في السَّمواتِ ومَن في الأرضِ حَتَّى الحِيْتَانُ في المَاءِ وفَضْلُ العَالِمِ عَلى العَابِدِ كَفَضلِ القَمَرِ على سَائِرِ الكَوَاكِبِ وإنَّ العُلَماءِ وَرَثَةُ الأنبِيْاءِ وإنَّ الأنبِيْاءَ لمْ يُوَرَثُوا دِيْناراً ولا دِرْهَمَاً وَ إنَّما وَرَّثُوا العِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أخَذَ بِحَظٍ وَافِرٍ
ـ رواه أبو داود والترمذي ـ

هذا الطائر المعجزة يقرأ القرآن ويصلي على النبي.



هذا الطائر المعجزة يقرأ القرآن ويصلي على النبي.








سبحان الله عدد خلقه

سبحان الله رضا نفسه

سبحان الله زنة عرشه

سبحان الله مداد كلماته

أكثر من الصلاة على الحبيب المصطفى"عليه الصلاة و السلام"

أكثر من الصلاة على الحبيب المصطفى"عليه الصلاة و السلام"



قالت السيدة عائشة رضي الله عنها   



كنت في حجرتي أخيط ثوباً لي فانطفئ المصباح وأظلمت 


الحجرة 



وسقط المخيط أي الإبرة



... فبينما كنت في حجرتي أتحسس مخيطي إذ


أطل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه من باب 



الحجرة.. وأطل بوجهه



قالت:فوالله الذي لاإله إلاهو لقد أضاءت أرجاء الحجرة من نور 



وجهه حتى لقد التقطت المخيط من نور طلعته




ثم التفتُ إليه فقلت:بأبي أنت يا رسول الله ما أضوأ وجهك!



فقال: ياعائشة الويل لمن لا يراني يوم القيامة"



قالت: من ذا الذي لا يراك يوم القيامة يا رسول الله؟ قال:



من ذكرت عنده فلم يصل عليّ



اللهم صل وسلم عليه



اللهم صل وسلم عليه


اللهم صل وسلم عليه


اللهم صل وسلم عليه


اللهم صل وسلم عليه